القائمة الرئيسية

الصفحات

 

الخوف

الخوف.. خوف الله تعالى

الخوف

الخوف عند الإنسان موجود في فطرته ومنذ ولادته، والخوف أمر طبيعي، وهو موجود كآلية دفاع في الحالات التي تهددنا، ونسبة الخوف تختلف من شخص الى آخر على حسب الظروف والمعتقد والعمر والبيئة والمستوى الإجتماعي، والخوف هو عبارة عن شعور أو ردة فعل عاطفي يصيب الإنسان عند تعرضه لشيء أو موقف يُشعره بالخطر.

وعندما يكون الخوف خارج عن السيطرة ولا يستطيع الفرد التحكم في نفسه فحينها يكون خوف مرضي ويجب معالجته والتخلص منه، لأن الخوف من أكثر العراقيل التي تقف أمام تحقيق الشخص لذاته. عندما يواجه الإنسان موقف مخيف فإنه يشعر بأعراض كثيرة نتيجة تأثر جهازه العصبي بهذا المؤثر القوي، يجد قلبه يرتجف وتزداد ضرباته مع النهجان والتعرق الغزير ورعشة في الجسم والأطراف وقد تنتج عنه سلوكيات تؤذيه وتؤذي الآخرين، والخوف يرتبط ارتباط قوي بالأفكار السلبية والوساوس التي تجعل الشخص دائما يفكر بالأمور التى يخاف منها، ويشعر بالخوف المستمر الذي يفسد متعته بالحياة ويؤثر على صحته بحيث يجلب له الكثير من الأمراض.


وتوجد بعض الأعراض والتغيرات لدى الشخص الذي يعاني من خوف مرضي، كاضطراب في نبضات القلب وتسارعها، واضطراب الجهاز الهضمي والشعور بالتقلصات والمغص مع جفاف في الفم ورغبة في التقيؤ، كذلك يصاب بفقدان الشهية وعدم القدرة على التركيز ويصبح سريع الانفعالات، وأيضاً الشعور بالوحدة والارتباك والتوتر وغيرها كثير.


والخوف له أسباب كثيرة ومتعددة كالخوف من الحشرات منها الديدان والعناكب والصراصير والخوف من الزواحف وغيرها من الحيوانات مثل الطيور والجرذان والفئران والقطط والكلاب والثعابين وغيرها، والخوف من المرتفعات والظلام والأصوات القوية العالية، والخوف من العلاقات الاجتماعية والتفاعل الاجتماعي وغيرها.

 

لقد تكلمنا عن الخوف المرضي في موضوع سابق، أما اليوم فسنتكلم عن الخوف من الله ونفصل فيه أكثر:

الخوف من الله تعالى:

ان الخوف من الله هي منزلة من منازل الايمان، وعلى قدر إيمان العبد يكون الخوف من الله، وهو شرط للإيمان، وهي عبادة قلبية مفروضة، لا تصلح إلا لله تعالى، وقد جاء في بيان عظمتها مواضع كثيرة في القرآن الكريم والسنة النبوية، فعبادة الخوف من أعظم العبادات وأجلها، والخوف هو أحد أركان العبادة الثلاثة: المحبة والخوف والرجاء، قال تعالى: (إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).

وقول الله تعالى: (لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ).

ان "خوف العبادة" هو خوف مقترن بمحبة الله وتعظيمه والتذلل والخضوع إليه، وهو يبعد المؤمن عن المعاصي ويحمله لعمل الطاعات.

 

حكم الخوف من الله:

الخوف من الله واجب، وصرفه لغيره شرك أكبر.

 

قد يكون الخوف من الله:

خوف محمود: هو الخوف الذي يحول بين العبد وبين معصية الله، يحمله على فعل الواجبات وترك المحرمات، ونتيجته هي طاعة الله تبارك وتعالى.

 

خوف غير محمود: وهو اليأس والقنوط من رحمة الله.

حكم الخوف غير المحمود: كبيرة من الكبائر، دليل قول الله تعالى: (وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّون).

 

يقول شيخ الاسم ابن تيميه: "الخوف المحمود هو ما حجزك عن محارم الله"، أما الخوف المذموم هو أن يزيد الخوف حتى يؤدي الى القنوط واليأس، ولذلك يجب الموازنة بين عبادة الخوف وعبادة الرجاء.

 

اذاً ما هو الفرق بين الخوف والقنوط؟

الخوف المقصود في القرآن والسنة:

يعتقد علماء أهل السنة والجماعة أن الخوف المقصود به في القرآن والسنة النبوية، والخوف المأمور به المسلم، هو الخوف الذي يحول بين المرء وبين ما حرم الله، مع رجاءه بفضل الله ورحمته، وعدم يأسه وانقطاعه.

أما القنوط: فهو عبارة عن يأس مفرط يظهر أثره في الشخص فيتضاءل وينكسر، أي مبالغ في قطع الرجاء من فضل الله تعالى ورحمته. الدليل قول الله  تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ، وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُون).

 

 

أنواع الخوف من الله:

خوف المقام: هو الخوف من مقامه تعالى على عباده بالاطلاع والقدرة والمحاسبة، وخوف المقام بين يديه يوم القيامة، قال الله تعالى: (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ).

وخوف الوعيد: هو الخوف من عذاب الله وناره وعقابه، ووعيده الذي يتوعد به المخالفين لشرعه الخارجين عن طاعته، قال تعالى:  (لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ).

 

أنواع الخوف من غير الله:

1-الخوف الطبيعي:

هو خوف الانسان مما يؤذيه كخوف الانسان من عدو أو لص أو خوفه من النار والسبع والغرق، وهذا خوف فطري لا يلام المؤمن عليه، دليل قول الله تعالى عن موسى عليه الصلاة والسلام‏:‏ ‏(َأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ‏)، لكن اذا أدى هذا الخوف الطبيعي الى ترك واجب أو فعل أمر محرم أصبح حراماً، لأن ما كان سبباً لترك واجب أو فعل أمر محرم فهو حرام، ودليل ذلك قول الله تعالى: (‏فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ).

حكمه: مباح، ان وجدت أسبابه، لقول الله تعالى: (فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).

ان الخوف الطبيعي لا يلام عليه المؤمن، ولكن يجب أن لا يزيد هذا الخوف عن الحد، وأن لا يؤدي الى ترك واجبات وفعل معصية، كأن يترك الجهاد في سبيل الله الواجب على المسلم خوفاً من القتل أو العدو، واذا كان هذا الخوف بلا سبب أو بسبب أمر ضعيف أو أمر وهمي أصبح خوف مذموم، وعلى العبد أن يبعد هذا الخوف عنه بالتوكل على الله فهو القادر على كل شيء، قال الله تعالى: (ٱلَّذِینَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدۡ جَمَعُوا۟ لَكُمۡ فَٱخۡشَوۡهُمۡ فَزَادَهُمۡ إِیمَـٰنࣰا وَقَالُوا۟ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِیلُ ، فَٱنقَلَبُوا۟ بِنِعۡمَةࣲ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضۡلࣲ لَّمۡ یَمۡسَسۡهُمۡ سُوۤءࣱ وَٱتَّبَعُوا۟ رِضۡوَ ٰنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ ذُو فَضۡلٍ عَظِیمٍ ، إِنَّمَا ذَ ٰلِكُمُ ٱلشَّیۡطَـٰنُ یُخَوِّفُ أَوۡلِیَاۤءَهُۥ فَلَا تَخَافُوهُمۡ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ).

 

 2-الخوف المحرم:

هو الخوف من خلق الله في حد من حدود الله، وهو أن يعصي الله خوفاً من الناس، أو يترك واجب أو يفعل أمر محرم خوفاً من الناس، كأن يخاف أن يأمر بالمعروف أو ينهى عن المنكر بسبب خوفه من الناس، دليل قول الله تعالى: (إنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).

حكمه: محرم.

 

3- الخوف الشركي (الخوف السر):

هو خوف غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، وهو أن يخاف من إنس أو جن أن يصيبه بمرض أو فقر أو موت أو أذى لا يقدر عليه إلا الله، مثل عباد القبور الذين يخافون من الميت صاحب القبر أكثر من خوفهم من الله تعالى، ومثل المتعلقين بالأولياء والأصنام يدعونهم ويخافونهم من دون الله، قال تعالى: (إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ).

حكمه: شرك أكبر.

 

4-الخوف الوهمي:

وهو الخوف الذي لا سبب له، مجرد أوهام، أو له سبب ضعيف لا يدعو للخوف، وهذا خوف مذموم، يوصف صاحبه بالجبان، وهو من الأخلاق الرذيلة.

 

 

ما هي الأسباب الجالبة للخوف من الله وحده؟

يقول العالم الإسلامي ابن القيم أن الخوف ينشأ من ثلاثة أمور، أحدها: معرفته بالجناية وقبحها، والثاني: تصديق الوعيد وأن الله رتب على المعصية عقوبتها، والثالث: أنه لا يعلم لعله يمنع من التوبة ويحال بينه وبينها اذا ارتكب الذنب.


ملخص كتاب مئة سر بسيط من أسرار السعداء | رابط شراء الكتاب

 

تعليقات